قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة
11698 مشاهدة
خطبة الجمعة بعنوان التمسك بالكتاب والسنة

الحمد لله رب العالمين، قيوم السماوات والأرضين، مدبر الخلائق أجمعين، أرسل إلينا أشرف المرسلين، وأنقذنا به من بدع المبتدعين، نحمده سبحانه على ما أولاه من الفضل العظيم.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى جميع الثقلين، وأنقذ به الأمة من شرك المشركين، ومن بدع المبتدعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد، عباد الله اتقوا الله تعالى حق تقاتِهِ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، فأطيعوا أمره ولا تخالفوه فتكونوا من الضالين، واذكروه دائما ولا تكونوا من الغافلين، واشكروه على نعمه ولا تكونوا بها من الكافرين.
واعلموا أن ربنا سبحانه خلقنا لعبادته، وأمرنا بتوحيده وطاعته، وأرسل إلينا أفضل رسله، وأنزل علينا أشرف كتبه، وأنقذنا بذلك، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، ووفق الله صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فنقلوا لنا دين الإسلام، وأوضحوه لنا أتم بيان، ونقله مَن بعدهم وتلقاه الخلف عن السلف، حتى وصل إلينا كاملا لم يتغير، ولم ينقصه شيء -والحمد لله- وذلك من فضل الله على هذه الأمة.
وقد بين لهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم- كل ما يحتاجون إليه، فبين لهم أعلام الهدى، وبين لهم الواجبات في دين الإسلام، وبين لهم أمثلة الحلال والحرام، وبين لهم الآداب والأخلاق ومحاسن الإسلام، وتركهم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك، فمن اتبع سبيله فإنه من الموفقين، ومن ابتدع وسلك طريق المبتدعة والمنحرفين فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا.
ولا شك -عباد الله- أن الواجب علينا أولا معرفة هذا الدين، وتعلم شرائعه، وتعلم وسائله، وآدابه وأخلاقه، وأحكامه وحلاله وحرامه؛ حتى نعمل على بصيرة، والحمد لله أن قد ورثنا ما نتمكن به من الدين.
وقد أوصى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يتمسك الناس بعده بهذا الدين وبمصدريه؛ فقال -صلى الله عليه وسلم- تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي؛ كتاب الله وسنتي .
هكذا أخبر بأن كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هما الوسيلة للنجاة والسلامة من البدع، وهما السبب الأقوى الذي يوصل من سار عليه إلى رضا الله تعالى وإلى دار كرامته.
وكتاب الله سبحانه هو هذا القرآن الكريم الذي تولى الله تعالى حفظه؛ إذ قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ تولى الله حفظه فلا تناله أيدي العابثين، ولا تناله أيدي المحرفين، بل إذا غُيِّر منه حرف أو كلمة تفطن لذلك أهله الذين حملوه، وردوا على أولئك المحرفين والمبدلين.
وهكذا أيضا بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بسنته المطهرة، امتثالا لما أمره به ربه؛ قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فبينه -عليه الصلاة والسلام- بأقواله وبأفعاله، وأضاف إليه من البيان ومن التفصيل ما يكون مثله أو نحوه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- ألا إني أعطيت القرآن ومثله معه يعني: السنة.